من ( المدن) إلى ( المدائن )

خاص الإخباري نت - عبدو سيدي محمد

لا إشكال في اللغة العربية من حيث المرادفات و التراكيب خاصة في بلاد يتقن أهلها لغة الضاد و يعشقونها حتى الجنون. و ليس المشكل في جمع التكسير أو جمع الجموع لكن المعضلة الحقيقية و مكمن الخلل في القصد و الهدف و النتيجة. ستون عاما من (التيه) و الجري خلف سراب الأنظمة و تفاهات التخطيط ما الفائدة من تغيير صيغة الجمع؟ هل فعلا المدن التاريخية أو(مدائن التراث) إسم على مسمى؟ هل تحظى تلك المدن بالعناية والرعاية و الإهتمام ك ( إرث) إنساني؟ تلك المدن مجرد مقابر و مدافن و مساكن أشباح و نبش في ذاكرة النسيان. المهرجانات هي مجرد فرصة لأستعراض مسروقات المال العام من سيارات فارهة و عروض أزياء و مجالس(أنس) و تجديد (البيعة) للحاكم. هي مناسبة لزيارات سياحية مدفوعة الأجر و مشروع مثمر لفوترة المصاريف على خزينة الدولة. مدن (تاريخية ) و مدائن ( تراثية) تفتقد البنى التحتية و ظروف الحياة و صعوبة الجغرافيا. لا عبق للتاريخ و لا طعم للتراث و فراغ في المحتوى و المضمون لكرنفالات الزينة و المكياج و الأستعراضات. ينتهي ( المهرجان) لتدخل المدن خانة النسيان و تختفي خلف دخان عوادم السيارات العابرة للصحراء. هكذا هي الصورة الواقعية للمدن التاريخية العتيقة أو مدائن التراث ( الحديثة) حسب القائمين عليها. ليست تلك ( المدن) سوى نموذج مصغر للعشوائية و الإرتجالية في صنع القرارات و الأحداث مثل نشيد روضة الأطفال و (الحمراوين) و غيرهما من نتائج قرار (الفرد) و شهوة و نزوة عابرة في لحظة جنون العظمة حيث ندفن تاريخنا الحي و نستبدله بلحظة (رضا) و نفاق و ندم و رحلة تيه لا تنتهي للبحث عن الذات و الهوية التي ضاعت بسبب تهور من يحكم و خيانة من ينفذ. العبرة في النتائج لكننا لا نزلنا تبحث عن خطة استراتيجية قابلة للتطبيق على أرض الواقع لكن طغيان و تضخم (الانا) حال دون إحداث أي تغيير من شأنه تحقيق نتائج. كل أمة تلعن أختها و كل حزب بما لديه (فرحين) هكذا هو المسار و هذا هو طريق بلا أفق و رحلة بلا هدف و دوران حول كرسي من يحكم و عبارات مبتذلة لمشاريع وهمية و أوهام و أمنيات هامشية لطفح و طيش مراهق في إدارة و تسيير الشأن العام. زخرف القول و الأسلوب المنمق و البلاغة الشكلية لا تجدي نفعا و تجلب ضرا. نحن بحاجة إلى إرادة (حاكم) و سلطة ( عدل) و شعب ( متعلم) و في غياب الثالوث ستبقى دار لقمان على حالها حيث عاصمة مظلمة و شوارع متسخة و فقر مدقع و وطن غني في معادلة هي الأغرب في مسار التاريخ الموريتاني سوى على مستوى المدن القديمة أو مدائن التراث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى