السينمائي الموريتاني المنسي محمد ميد هوندو (1936 – 2019)

كان يعرف نفسه بـ “أنا موريتاني، غادرت البلاد عام 1960 مثل العديد من مواطني بلدي والعديد من الأفارقة الذين وجدوا أنفسهم بعد الاستقلال بلا عمل .. قبل ذهابي الى فرنسا، عملت بالرباط ودرست فيها ولدي أسرة هنالك ومارست مختلف المهن، فقد كنت طباخا وغاسل صحون في مطعم وعامل بناء سفن ومزارع …الخ بعدها غادرت إلى باريس، وكنت في النهار اشتغل وفي المساء أتلقى دروسا في المسرح، ثم أسست جماعة مسرحية تقدم مسرحيات لكتاب أفارقة …” .
توفي محمد هندو، يوم 02 مارس 2019 عن عمر ناهز الـ 83 ربيعا وهو من الرواد السينمائيين الأوائل مثل: ابا بكر صام مخارام –صافي فاي – عثمان صامبين – بولان صومانو فييرا … من الذين غادروا إفريقيا ومنهم محمد هندو والذي هو اختصار لاسمه الثلاثي ( عبيد محمد هيندو) وهو متعدد المواهب السينمائية فهو :مشخص – سيناريست – مخرج – منتج، وقد عمل في المجال السينمائي منذ البداية في الذبلجة (صوت أيدي ميرفي ومورغان فريمان وريشارد بريور كمثال) للأشرطة الأمريكية وغيرها إلى اللغة الفرنسية والمبلغ المحصل عليها يوفر منها لينجز سينما خاصة به، كما أن التجربة – الدبلجة – أتاحت له الدخول إلى عالم السينما وبنفس المجلة قال: “فأنا أول سينمائي موريتاني بنى نفسه خارج موريتانيا وثمة سينمائيين آخرين ساعدتهم في تكوينهم في الغربة .. “ـ ففي سنة 1967 اخرج شريط “أيتها الشمس” للتعبير عن إفريقيته وعن الأفارقة وعن القارة مثل سينمائيي قارته الرواد. “إنني لست مثقفا بالمعنى والشكل الكلاسيكي للكلمة… لا امتلك البنية الكلاسيكية للمثقف فانا لم ادرس في الجامعات، فانا لست مثقفا بالمعنى الذي يقصده بعض المثقفين “.
فالشريط صوت عالي يفتتح على الرسوم المتحركة التي تعرض ببقعة ارض افريقية محتلة من طرف القوى التدميرية الأوربية وعنوان الشريط له مرجعيته وهو أغنية يتغنى بها الرقيق الأفارقة وهكذا ربط هيندو بين المرحلة الفيودالية، وعهود الاستعمار وما بعد الاستعمار. ضد العنصرية التي تمارس ضد الأفارقة ببلد العدالة والأخوة والمساواة وبه استعاد لحظات (عمله) حيث يتذكر منها: “عندما عملت في مطبخ باجر هزيل … فرب العمل اخفاني عن الزبناء، وبعدما رغب في توظيفي كأيقونة غرائبية تضفي على مطعمه أريجا أثريا سمح لي بالظهور العلني .. “إنها حياة العذاب والبحث السيزيفي عن السكن والعمل والعلاقات الإنسانية والاجتماعية ضمن مجتمع يعلن الأخوة والتسامح ويمارس العنصرية والإقصاء لكافة الكائنات البشرية، وأيتها الشمس الذي تم ترميمه وتجديده من طرف مؤسسة سينما العالم لمارتين سكورسيزي والشريط حول إنسان ليس له اسم يصل إلي باريس مدينة الأنوار راغبا في وظيفة بصفة محاسب وتاه باحثا عن سكن وعن وظيفة فكان يواجه في دولة المساواة بكافة أشكال العنصرية، المخرج لم يعط لشخصيته أي اسم باعتباره مهاجرا ببلد الأخوة فهو في غير حاجة لاسم فهو مرفوض وغير مرغوب فيه ويتيه وسط سراديب التجاهل التام المفضي إلى الجنون فيرمي له المخرج طوق النجاة ويرى مثل ما يرى النائم أن انتفاضات جماهيرية تعم كل البلدان التي استعمرتها فرنسا؟ كما يكشف عن دسائس أخرى عندما يحول الصليب المسيحي الى السيف الذي يمثل الإنسان الابيض والذي يتمتع بالعنف ويقوم بنسج العلاقات ما بين الأفارقة في تدخل مرفوض، الناقد الأمريكي آرثر وينسون كان قد كتب عن الشريط: “يعالج مظاهر النفاق والادعاءات المنافية للحقيقة إنها محبطات الإنسان الأسود في فرنسا، لقد اختار شخصياته لتعبر عن هذه المتناقضات فالإنسان الابيض يثير النفور أما الأسود فهو شخص مقبول . إنها إدانة للمجتمع الغربي والشريط هو روائي- وثائقي ويمكن اعتباره مرافعة الإنسان الأسود الذي أهين من طرف الابيض وعبر حوار لشخصيته: “اننا نحن من ننمي ثرواتكم .. فأين حقوقنا؟ .
عمل الفقيد مشخصا في ما يناهز العشر أعمال سينمائية مع جون لوك كودار ومع كوسطا كافراس ومع ناصر قطاري في سفراء الى غيره من المخرجين السينمائيين في شريط “العرب والزنوج، جيرانك” الذي حاز مناصفة مع شريط كفر قاسم لميشيل خليفي على التنيت الذهبي بأيام قرطاج السينمائية لسنة 1974 يواصل فيه مقاربة موضوع الاضطهاد الاستعماري إنها الحياة المتوازية للمغاربيين والزنوج في فرنسا وشخصيات الشريط عمال حقيقيون يرتجلون أدائهم التمثيلي. يقول المخرج: “لما كان هدفي هو إخراج عمل سينمائي يقارب هموم وقضايا العمال المهاجرين فقد رأيت أن أشاركهم معي بدلاً من استخدام الطرائق الإبداعية التقليدية. لا أريد القول إنه عمل جماعي، قام الناس الذين ساهموا في تحقيقه بتقييم مراحله المختلفة .. انه مجرد اقتراحات مني أنا كسينمائي من العالم الثالث لسينما عالم ثالثية”.
ومن إخراجه ترك الانتاجات السينمائية التالية :
خطوات للمصادر (قصير 1967) أيتها الشمس (1967) ملك الحبال (1969) كل مكان ولا مكان (1969) العرب والسود جيران (1973) يكفينا من النوم حين نموت (1976 ) ساراوينا (1986) ضوء اسود (1994) وطني (1998) فاطمة جزائرية من دكار (2004) وله مشروع عن الزعيم الهايتي توسان لوفرتور (1743-1803) والسيناريو كان قد بدء مراحل تنفيذه .

بيان اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى