هوس العودة L’obsession du retour (ح2)

…..لم ينس المؤلف، اعترافا منه بالجميل،الإشادة المستحقة بذويه،الأميين في غالبيتهم،والذين قبلوا خوض معركة البقاء ،لبناء مستقبل لنا نحن أبناؤهم.لم تكن تلك المعركة محسومة بديهيا،لأنهم محكوم عليهم بالفقر،حكم الطبيعة القاسي،الذي سلبهم فخر سادة الفضاء الرحب،الأثرياء بآلاف الثدييات وثروات أخرى.

ودون أن يشعروا،أحدثوا قطيعة مع التقاليد،بإرسال أبنائهم إلى المدرسة،دون أن يقتنعوا بذلك.بيد أن هذا التنازل كان ثورة حقيقية في عقلية ساسة يعيشون اكتفاء ذاتيا.

ألم يكنوا يقولون،عندما كانوا سادة الترف. إن الفقراء والكفار وحدهم من يرسل ذريته إلى المدرسة ليتبوءوا في الآخرة موقعهم في النار.

كذلك ،يظهر سرد الأحداث على السطح المعاناة الناتج عن التمزق الذي تعرضنا له خلال أحداث 80-90 .

بالفعل يروي المؤلف بموضوعية الصحفي،اقتلاع أهلنا..يرسم بألم حاد دون أي حقد الإبعاد القسري الجماعي،والحاة الجديدة المفروضة على الفلان الموريتانيين الذين اصبحوا فجأة بلا وطن.هنا يبرز المؤلف كل معاناة الإهانة التي قام بها أشخاص عديمي الضمير بحق مواطنين مزارعين ومنمين، أبرياء مسالمين،كانوا يعيشون على هامش المجموعة الوطنية.

بيد أن هؤلاء الذين أصابتهم لعنة الاعتباط ،الذين من بينهم المؤلف الذي تقاسم مثلي أنا،المصادرة والمعاناة داخل خيمات اللاجئين في شمال السنغال،لا يصبون إلا إلى أشياء ثانوية :السلام ،الطمأنينة وحرية الحركة دون عوائق فوق أرض أجدادهم.باختصار ،كانوا ينشدون الازدهار في مكانهم،لذلك كانوا يناضلون دون هوادة من أجل تخفيف وتجاوز نتائج سنوات الجفاف القاسية.كل شيء يمر أمام عيني كقصة شقية برواية إفريقية.

لأنني تقاسمت مع المؤلف نفس القصة،مرورا بنفس المسار،ونفس المعاناة ونفس أفراح الطفولة ،في ألاك بداية السبعينيات،لا يمكنني إلا أن أحس أمام وشوشة الذكريات التي تدغدغني،على امتداد سطور هذا العمل.إن تناول ماضينا يوقظ بداخلي ذلك الشوق الأزلي لأرض الميلاد.إنها تنادي بداخلي روح المنمي المغمورة،أبناء الشمس والرياح ،الموجهة وجوديا ببوصلة جغرافيا المراعي،الجاهزة دائما لتلبية نداء الماء ،تحت ظلال سراب أفق لا حدود فيه للحرية.

“هوس العودة” هو امتداد لصرامة المؤلف في رفضه للاقتلاع والإهانة ونصف الوجود.

إنه الحب الهوسي للوطن والأرض،الأم ،حافظة التاريخ والذكريات.

هو أيضا وفاء للقيم من خلال الاصرار على رفض مقايضة الشرف والكرامة باللجوء،حتى لو كان من ذهب.هو كذلك ارتباط ومعركة من أجل انتصار أمل

عارم بالعودة للوطن الأم.

ومن الصدفة أن يكون أحد أبناء ألاك هو من يمكن من تحقيق هذا الأمل المستحيل،من خلال وضع مسار لعودة المعدين اللاجئين في السنغال ومالي…وهنا يستق أول رئيس لنا منتخب ديمقراطيا،إشادة الأمة وشكر المؤلف.

عبد الله مامادو با

(يتواصل)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى