فى ذكرى رجل لايغيب

لم يكن صدام حسين مجرد زعيم عربي بالغ الشجاعة ولكنه كان أيضا شخصا استثنائيا فى كل شيئ
كان استثنائيا فى طموحه وكفاحه فى حياته وموته الذى كان كل الحياة
كان صدام مدرسة قيم عربية تمشى على قدميها وشاءت إرادة الله أن يكون لصدام رفاق استثنائيون مثله
لم يشهد التاريخ تماسك حكومة واركان حكم كالذى جسده رفاق صدام حسين
كوكبة من الاوفياء لرجل كان مرفا الوفاء ومرسى سفنه ومربط خيله
واجه صدام المحكمة الأمريكية الايرانية بشجاعة لايملكها كل الرجال
كان مع رفاقه كتيبة تمضى دون تردد ولاجزع إلى الموت قناعة بمبدإ وإيمانا بقضية
لم يتخل الهزبر عن أشباله ولم يتخلوا عنه
بصوته الجهوري الدافئ قالها بجبين منزرع فى السماء
( إذا كنتم ترون أنه حدثت مجازر وإبادة وحروب فأنا المسؤول عن كل ذلك بحكم منصبى كرئيس للعراق وقائد اعلى للقوات المسلحة العراقية ولذلك عليكم الحكم علي أي حكم شئتم ولكن اتركوا هؤلاء فأنا امرتهم ونفذوا ومن بينهم مرضى ومسنون وأنا جاهز لتحمل كافة المسؤوليات ولايرهبنى أي حكم تصدرونه فى حقى)
حتى بيت عبدالرزاق عبدالواحد السائر لم يوفق فى وصف صدام المكتنز رجولة وقوة تحمل
( قل لى ومعذرة من أي مبهمة
اعصابك الصم قدت أيها الرجل)
على الضفة الأخرى كان رفاق صدام بنفس الوفاء والشهامة
قال القاضى الأمريكي القانون الإيراني التعيين العراقي الجنسية لأحدهم
( قلت إن صدام …)
قاطعه رفيق صدام
( أنا لا اقول صدام فقط
اكتب اننى قلت المهيب الركن صدام حسين المجيد رئيس جمهورية العراق القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية أنا لااجرد إسم القائد)
رجال عجنوا بتاريخ من الكبرياء تجرى فى عروقهم العربية دماء خالد والمثنى وشرحبيل وسعد
عندما نطق القاضى الأمريكي حكم الإعدام وقفوا بمهابة وكأنهم سمعوا نشيد العراق الوطني
( نحن لها نحن أهلها ) قالها صدام وسط هتافات رفاقه
( ونغنى للموت بل ونراها
فى سبيل الحياة هي الحياة)
لم يطلب الرئيس الشهيد تخفيف الحكم ولم يتمسكن وعندما طلبوا منه ممارسة حقه فى التعقيب على الحكم قالها بوجه مضيئ
( إذا كان ممكنا فاعدمونى رميا بالرصاص فأنا جندي يعرفنى الرصاص واعرفه)
لم يكن شخصا طبيعيا أبدا
تساوت عنده لحظة الإعدام بلحظة التتويج سار بكبرياء مرغت أنوف اعدائه نحو المشنقة
يقول عالم اجتماع وباحث وطبيب نفسي فرنسي ذات برنامج تلفزيوني على فضائية فرنسية
( صدام استفز الجميع كان خارقا للعادة لديه قوة تعادل قوة الف رجل
لايملك شخص فى العالم صلابته ولاشخصيته ولارباطة جأشه
تابعت مقطع إعدامه عشرات المرات فحصته لقطة لفطة ومن كل زوايا الصورة وابعادها ثابتة ومتحركة
كاننى فى حلم هوليس ملكا ولانبيا ولكنه بشر غيرطبيعي ولايتكرر
توقعت أن أراه منكسرا
بحثت عن عينيه زائغتين نحو الأرض جزعا
فتشت عن ضعف عن تراجع
اين التبول اللاإرادى والقيئ والتعرق والكلمات المبعثرة والنرفزة الخطوات المتثاقلة وهي أمور طبيعية تحدث للاشخاص وهم يواجهون الإعدام
ماهذا؟
وجه وضاء به بريق ساحر وصوت لم يتقطع ولم يتغير
عينان كأنهما لصقر يراقب خفافيش تسد عنه عين الشمس وحطوات واثقة متناسقة وأكثر من ذلك قامة نخيلية كانت الأكثر ارتفاعا ومهابة وجلالا داخل قاعة الإعدام
لم ار فى حياتى رجلا متكامل الرجولة مستحقا لها قبل صدام حسين
قارنت لجظة إعدامه بلحظات إعدام رؤساء وضباط وقادة عبر العالم ولاوجه للمقارنة فصدام كان الرجل الجبل طيلة مسار الإعدام )
كانت بغداد تغتسل بالبرد فى أجمل صباحات العرب يوم فداهم صدام بروحه وأي ذبح اعظم منه سوى ذلك الذى فدى الله به إسماعيل ابن إبراهيم
طلب صدام معطفا شتويا
استغرب منفذوا الإعدام ومنهم قادة شيعة من العراق وإيران
قال الشهيد
( بغداد باردة جدا واخشى أن تعتقدوا إذا ارتجفت من البرد اننى ارتجف خوفا من الموت)
حاولوا وضع قناع على وجهه لحظة الإعدام صرخ فيهم
( لا لاتضعوا قناعا على وجهى فالموت اعرفه ويعرفنى)
كان مشرق الملامح صبوح الوجه وضاء الجبين
ردد شعاراته المهيبة
( عاشت الأمة العرببة
عاشت فلسطين حرة عربية )
ردد الشهادتين بثبات يمنحه الله لعباده المؤمنين عند المحن والملمات
ذهب إلى الله مرفوع الراس كما عاش طيلة حياته
تحية لذكراه التى لاتغيب بعد14عاما على رحيله الصاخب
تحية حب وولاء ووفاء من موريتانيا (البوابة الغربية للوطن العربي) التى حماها ذات تاريخ فى موقف لن ينساه له أهلها أبدا.

من صفحة الزميل حبيب الله ولد أحمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى