المضامين التي تحملها الأناجيل عن “أبرهم” ليست هي المضامين التي يحملها القرآن

بعض رواد هذا الفضاء ممن أحترمهم، وأتعلم منهم دونوا اليوم عن الإبراهيمية، ومع أن السياق غير مناسب؛ لأن الحرب الشاملة غير المتكافئة، التي تمزق فيها الآلة الأمريكية فلذات أكبادنا العزل على مرأى ومسمع من نظام دولي جائر تجعل مثل هذه الأحاديث لغوا من القول أحب أن أسجل ما يلي:
أولا: قراءاتي المتكررة للأناجيل، بعهديها القديم والجديد، تركت لدي قناعة بأن المضامين التي تحملها عن “أبرهم” ليست هي المضامين التي يحملها القرآن العظيم عن نبي الله “إبراهيم عليه السلام”.
ثانيا: دعا سلفنا الصالح إلى التسامح بين الديانات، وعمل اليهود والمسيحيون في دولة الإسلام مواطنين مكرمين، وتنبه علماؤنا الأجلاء إلى الصلات اللغوية بين السنسكريتية والعبرية والعربية بوصفها من أسرة لغوية واحدة، وأثار بعض الساسة المعاصرون أن العرب ساميون، ولا يمكن مساومتهم بمعاداة السامية التي ترفع في الغرب غير السامي، لكن لم يصل الأمر أبدا إلى طرح هذا المصطلح لأن “الدين عند الله الإسلام”، ولأن نبينا عليه السلام أبلغ إبلاغ تحذير لا يحتمل التأويل: “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير”.
ثالثا: طرح مصطلح الإبراهيمية أول ما طرح على لسان صهر ترامب كوشنر، قبل أن يظهر مسوغا من مسوغات خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط القاضية بأن تكون إسرائيل الفرية شرعية في بيت المقدس وأكنافه، ثم بعد ذلك قرأنا عنه تسويغا لمشاريع التطبيع.
رابعا: قضية فلسطين بالنسبة لنا قضية دينية وسياسية ووجودية؛ فهي دينية لأن عقيدتنا تؤمن بأن المسجد الأقصى، قبلتنا الأولى ومسرى رسولنا عليه الصلاة والسلام، مبارك ما حوله من الأرض، ومأجور من يرابط فيه من المسلمين. ولأن واقع السياسية يشهد أن العصابات الصهيونية احتلته بمباركة الدول الاستعمارية، وقد حارب المسلمون لاسترجاعه ١٩٤٨ لكن الأسلحة التي اشتروها لذلك كانت فاسدة فهزموا عسكريا، لكن معنوياتهم لم تهزم، وجيل بعد جيل تتجدد العزائم، وتقوى المقاومة…ولأن الصهيونية العالمية قائمة على فكرة نفينا من الأرض، واعتبارنا أغيارا دماءنا وأموالنا وأعراضنا حلالا عليها.
نعم ليست بيننا وبين اليهود ولا المسيحيين مشاكل فهم يقاومون إلى جانبنا، فالسامريون والحريديون من اليهود لا يخفون رفضهم لأفكار الصهيونية، وبعض يسار الصهيونية السياسي، وكثير من أساتذة التاريخ العبري داخل إسرائيل باتوا مقتنعين بعدم عدالة أطاريح الصهيونية، فيما يتعلق بالهيكل وبالعلاقة بالأرض.
رابعا: مقتنعون بأن هذه المعركة ليست فاصلة، ولكننا مؤمنون أن طريق السلام هو قيام دولة فلسطين على أرضها من النهر إلى البحر، ورجوع العصابات الصهيونية كل إلى دولته التي جاء منها، وأن الطريق إلى ذلك هو الرباط والمقاومة، والاعتماد على الذات، والوحدة وعدم الانجرار وراء الملاحاة غير المجدية، ونعوذ بالله السميع العليم من أي موالاة للعدو عن طريق محاباته بالإبراهيمية أو السامية، ونرجوه أن نكون في هذه المعركة من الذين تولوا وأعينهم تفيض حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون.
من صفحة د.عبد الله محمد سالم السيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى