لهذا السبب لم تستوعب الإمارات عودة ولد الإمام الشافعي على طائرة مباشرة من الدوحة

شكلت عودة السياسي الموريتاني والمستشار الدولي،المصطفى ولد الإمام الشافعي،ضربة مؤلمة لنظام الإمارات العربية المتحدة،أفقدته قدرة التوازن المطلوبة دبلوماسيا في ظروف كهذه.

وتجلى ألم هذا الحدث باديا،في الطريقة التي تناولت بها وسائل إعلام إماراتية – تعرض ما ستنشر على أجهزة الدولة قبل نشره – عودة هذا المواطن إلى وطنه بعد عقد من الزمن .
فقدت الإمارات اللياقة التي كان يجب أن تتعامل بها مع نظام محمد ولد الغزواني،الذي خصها بأول زيارة له بعد إستلامه الحكم،والشعب الموريتاني الذي ظل يكن لها كل الإحترام والتقدير.

لقد وصفت وسائل الإعلام الإماراتية،ولد الإمام الشافعي بوسيط الإرهاب،وهو ما يعني أن نظام ولد الغزواني يسمح للإرهابيين بالإقامة في بلده مكرمين،وكذلك الشعب الموريتاني الذي استقبله استقبال الأبطال هو شعب يفرح بالإرهابيين ويتزاحم للسلام عليهم.

ورغم ورود وصف الإرهابي في كل سطر من المقال الذي نشره موقع العين الإماراتي،حول عودة المصطفى ولد الإمام الشافعي إلى بلده،إلا أن كل الأحداث التي ذكرها المقال،كانت كلها أحداثا تليق بالأبطال و رجال الرأي والحكمة والمصداقية.

فالسير في الصحاري والجبال والحر والبرد وعتمة الليل،إلى رجال يفرحون بالموت ،لتخليص أبرياء من موت محقق،لا يمكن أن يجرأ عليه إلا من يحمل بين ضلوعه قلب أسد،وفي عينيه نور الحكمة،وفي يديه إيمان بأن إنقاذ روح بشرية يستحق مواجهة المجهول.أما أن يلجأ إليك الأمراء والرؤساء لإستشارتك في أمور كبيرة ،مثل العلاقات الدولية فذلك تاج وضعته الإمارات دون أن تدرك على رأس المصطفى.لم تعثر الإمارات على إسم المصطفى على لوائح قتلة الأطفال والنساء والمسنين في اليمن،ولا على لوائح فرق التصفية ،فقط كان على رأس لائحة معارضي ولد عبد العزيز….

قد يبدو هذا التنمر الإماراتي غريبا ، بالنسبة لمن لم يتابع كيف استطاعت الإمارات أن تحول موريتانيا من دولة عرفت بإستقلال مواقفها من المسائل الإقليمية والدولية،ما مكنها من لعب دور الوسيط في بعض تلك المسائل،إلى بوق تصدر من خلاله الإمارات ماتريد أن تسمع لمن يخالفها.

كان ذلك خلال عملية معاوضة لا أخلاقية، بين الرئيس السابق ،محمد ولد عبد العزيز وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ،مثمنها قطع العلاقات مع دولة قطر،التي تعتبر من أول الدول الخليجية التي فتحت سفارة لها في نواكشوط(1974)،وساهمت في النهضة التربوية للبلد من خلال تقديم منح سنوية والمؤسسة القطرية الموريتانية للتنمية الإجتماعية، التي ركزت على محمو الأمية والتكوين المهني،فقدمت أربعة مراكز تكوين مهني في النعمة ،لعيون،سيليبابي،ونواكشوط ،بالإضافة إلى معهد إمتياز.

وساهمت في التغطية الصحية ببناء مستشفى بتلميت،الذي لا تزال تتحمل تكاليفه حتى بعد قطع العلاقات .وساهمت في نهضة البلد الإعلامية،من خلال تحديث إذاعة موريتانيا.

وكانت قطر البلد الخليجي الوحيد،الذي رفض عقاب موريتانيا على موقفها من الحرب على العراق(1992) إثر اجتياح الكويت،بل قامت بمحو ديونها البالغة وقتها 20مليون دولار دون من ولا أذى.

كما كانت قطر الدولة الخليجية الوحيدة،بل العربية،التي زار أميرها موريتانيا خمس مرات.

أما بالنسبة لولد عبد العزيز سخصيا،فقد آزرته قطر ،عندما كان خائفا يترقب،بعد إطاحته بأول نظام مدني منتخب،فأرسلت له طائرة أميرية ليحضر قمة غزة بصفته رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية،وبعدها القمة العربية – اللاتينوأمريكية،ويلتقي شفيز ويتصور معه،بل ويلقب بشافيز موريتانيا.

أما ثمن هذه العملية فالبائع والمشتري وحدهما من يعرفه وربما من استفاد منه كذلك.

منذ عملية المعاوضة تلك ،أعتبرت الإمارات أن موريتانيا أصبحت حديقتها الخلفية،التي لا يمكن لأي كان دخولها إلا بإذنها،فتفاجأت برحلة مباشرة من الدوحة إلى نواكشوط،وعلى متنها عدو من باعها موقف بلاده، في ظلمة ليل من شهر رمضان،لذلك أحست أن البائع باعها ما لا يملك،فجن جنونها واصبحت تهذي بما لا تدرك.

ربما لم تستوعب الإمارات بعد أن موريتانيا ليست للبيع،لكن من المؤكد أن هبوط طائرة قادمة مباشرة من الدوحة وعلى متنها المصطفى ولد لمام الشافعي سيساعدها على استيعاب ذلك.

أبو معتز محمد عبد الودود الجيلاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى