الأسياد/ أعمر /عبدي يكتب معزيً في رحيل فقيد الوطن سيدي ولد الداهي

الموت حتم لا مناص منه يتفاوت وقعه على المرء بتفاوت مكانة الفقيد ، و خسارة العظماء تتوقف لها عجلة التاريخ رهبة وخشوعا لتسكب أغزر دمعٍ وأوفر أسىً على أنبل المواقف وأعظم المشاهد التي تعلق بالأذهان إجلالا وإعظاما لأصحابها .
واليوم نقف أمام رزء جليل وخسارة فادحة اهتزت لها أركان أبناء أبي السباع أسفا وفاضت دموعهم ألما لفقد الجحجاح الكريم والبحر الغطمطم ، جبل المروءة ، وكعبة المفاخر سيدي ولد الداهي وما أدراكم من سيدي ولد الداهي ……
لَعَمـري وَمــا دَهْــري بِتَأْبينِ هــالِـكٍ .. ولا جَزَعٍ ممّا أصابَ فَأَوْجَعا
لقد كَفَّــنَ المِنْهَـــالُ تَحْـتَ رِدَائـــهِ .. فَتى غيرَ مِبْطَانِ العَشِيَّاتِ أَرْوَعَا
لَبِيبٌ أَعَانَ اللُّبَّ منــهُ سَمَـــاحَةٌ .. خَصِيـبٌ إِذَا ما رَاكِبُ الجَدْبِ أَوْضَعا
تَرَاه كَصـدْرِ السَّيْـفِ يَهْتَــــزُّ لِلنَّــدَى .. إِذَا لم تَجِدْ عِندَ امْرِىِء السَّوْءِ مَطْمَعَا
سمك سيدي ولد الداهي لمجتمعه خيمة المجد وعقد بأطنابها السماحة والكرم والمروءة والإباء ، فذاد عن بيضته ، ونافح عن رفعته آوى الطريد ، وفك عن العاني، قرى الضيف ووصل الرحم ، عقد الصلح ، وأعان على النوائب
حَمّالُ أثقالِ أقوَامٍ، إذا افتُدِحُوا//حُلوُ الشّمائلِ، تَحلُو عندَهُ نَعَمُ
رضع سيدي منذ صغره ِلبان السيادة والقيادة وارتشف من منابع الحكمة والمعرفة، فكان جزل اللفظ، فصل الخطاب ، يرنوا إلى غُرف المعالي ويصبوا إلى تلائد الفضائل يتمثل منهجا لحياته قول عمرو بن الإطنابة :
ابت لي عفَّتِي وأَبى إبائي … وأَخذِي الحَمدَ بالثمَّنِ الرَبِيحِ
وإِعطائي على المكروهِ مالي … وضَربي هامَةَ البَطَلِ المشيحِ
وقولي كلّما جشأت وجاشت … مكانك تحمدي أو تستريحيّ
لأكسبها مآثر صالحات … وأحمي عن عرض صحيّح
بِذي شطَبٍ كَمثل المِلحِ صافٍ … ونَفسٍ ما تَقر على القبيحِ
خاض سيدي ولد الداهي غِمار السياسة الوطنية والمحلية فأعطى أروع صورة مثالية للسياسي النبيل الذي يترفع عن سفاسفها ونقائصها لم تدنس برديه بكيرها فظل عرنينه شامخا مرفوعا في كل المواقف شأنه شأن عامر بن الطفيل:
إني وإنْ كنتُ ابنَ سَيّدِ عَامِرٍ
وفارِسَهَا المَنْدوبَ في كلّ مَوكِبِ
فَما سَوّدَتْني عامٍرٌ عَنْ وراثة
أبَى اللهُ أنْ أسْمُو بأُمّ ٍ ولا أبِ
وَلَكِنّني أحْمي حِمَاها وأتّقي
أذاها وأرْمي مَنْ رَماها بمَنْكِبِ
رحم الله سيدي ولد الداهي فقد كان حسن الظن بالله لا يخلوا حديثه من تعظيم الله وتقديسه والله يقول في الحديث القدسي 《 أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ، ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ》 متَّفقٌ عليهِ.
خالص العزاء لأهل الفضل والمعرفة والأدب ، لذوي السمت الحسن ؛ لذوي المروءة والكرم، ولإخوتي وأخواتي أبناء وبنات الفقيد ولخالتي الحنونة البرة النقية فاطمة الغالية بنت أغيلاس ولوالدتي “ديده بنت أغيلاس التي كانت ترى فيه الأب الحنون والأخ الشفيق والمعلم الناصح ، ولكافة عشيرته الغراء أبناء أبي السباع الشرفاء ولكل محبيه وأهل مودته .
عليـه سـلامُ الله وقْفاً فإننـي أرى الموتَ وقّاعاً بكلِّ شريف
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا سيدي لمحزونون فإنا لله وإنا إليه راجعون
سميّ الفقيد سيدي ولد محمد يحظيه ولد اعمر ولد عبدي
الملقب الأسياد الكنتي نِجارا
السباعي خوؤلة.
بقلم الكاتب والمدون الكبير الأسياد ولد أعمر ولد عبدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى